الأحد، يونيو 29، 2025

الفيل الثاني .. مكافأة لمن قرأ الرواية

 


بعد مشاهدة الجزء الثاني من الفيل الأزرق يمكن تصنيف جمهور الفيلم لثلاثة شرائح : الشريحة الاولى لم تقرأ الرواية ولم تشاهد الجزء الأول وبنسبة كبيرة جدًا ستنبهر بالجزء الثاني. أما الشريحة الثانية فقد شاهدت الجزء الأول بدون قراءة الرواية مسبقًا ومن الممكن ان ترى الجزء الثاني أضعف من الجزء الأول أو أن الجزء الأول كان أغنى وذلك طبيعي، أما الشريحة الثالثة فقد قرأت الرواية وشاهدت الجزء الاول وبذلك إستحقت مكافأة الكاتب والمخرج الموجودة في نهاية الجزء الثاني.

أغلب أفلام الجزء الثاني بتبقى نفس الحبكة والصراع مع تغيير بعض الشخصيات ولنا في سلسة أفلام " فارس الظلام" عالميًا، وولاد رزق محليًا خير مثال.

ويصبح التحدي الذي يواجه الكاتب والمخرج في مشاريع الجزء الثاني هو كيفية تطوير الصراع والشخصيات بطريقة تحافظ على تماسك القصة وعدم تسلل إحساس ( ما هي هي الحكاية ) ولكن هذا الشعور قد تسلل إليَ أثناء المشاهدة، ولكن جرعة الفانتازيا التي استعوض بها مراد ومروان تشابه القصتين قد أزاح هذا الشعور بنسبة كبيرة، فقد برعوا في مشاهد ترجمة هلاوس يحيى راشد بصريًا بشكل مبهر وممتع واخترق مساحات كبيرة في أعماق يحيى راشد المثيرة، خاصة تلك التي شاهدناها على الشاشة بدون تأثير حبة الفيل الأزرق الشيطانية، ولم يختلف دور حبة الفيل الأزرق في الجزء الثاني عن الجزء الاول، فقد سافرنا لعوالم جديدة أيضًا بعد رجوع يحيى راشد لتعاطي الفيل الازرق ليكشف غموض الحالة الجديدة، " فريدة/هند صبري" وبمناسبة هند صبري فكان أداءها متوسطًا مقارنة بالوحش السيكوباتي خالد الصاوي في الجزء الأول وذلك في المشاهد التي كانت تتحدث فها بلسان العفريتة الغجرية، أما أداءها لشخصية فريدة فنجحت في إقناعنا بمأساتها والتعاطف معها.


ورغم أن المقارنة قد تكون ظالمة إلا أنها واجبة، حتى أداء إياد نصار لشخصية الدكتور أكرم أتسم بالعادية ولم يضاهي شخصية الدكتور سامح التي لعبها تايسون في الجزء الأول وقد يرجع هذا إلى إختلاف صراعهما مع يحيى راشد، فأكرم صراعه موضوعي أكثر منه شخصي، فأكرم تتملكه الغيرة على مهنته من دكتور مدمن كحول ودجال كيحيى راشد، أما صراع سامح مع يحيى كان نتاج حقد شخصي بعد تفضيل نيرمين يحيى عليه.



أما الشخصية الرئيسية " يحيى راشد " فقد تعمق الجزء الثاني أكثر داخل أغوار نفسه المحيرة، ولعل الكثير قد يستغرب عودة يحيى راشد مجددًا – في الجزء الثاني – للقمار وشرب الخمر بعدما شاهدناه في نهاية الجزء الأول وقد أعطته الحياه فرصه أخرى وتزوج " لُبنى " حب عمره، ولكن مشهد صراع يحيى مع شبيهه في القطار لم يكن فقط تعمق داخل نفسه بقدر ما كان تعمق في أغوار النفس البشرية بشكل عام، المشهد كان ترجمة بسيطة/ذكية جدًا لمقولة الفيلسوف اليوناني أرسطو "مشاكلي مع نفسي تتعدى بمراحل مشاكلي مع أي مخلوق أخر".  

على الرغم من وفاة زوجته نرمين وزواجه من لُبنى في الجزء الأول، إلا أن سلوك يحيى راشد في الجزء الثاني أثبت لنا أن الفارق كبير بين حدوث التغيير وبين الشعور به، وكالعادة موسيقى هشام نزيه كانت وستظل العنصر المتمم لمشاريع الثنائي العبقري أحمد مراد ومروان حامد.


وبالحديث عن عبقرية ذلك الثنائي، فيبدو أنهم قرروا الإحتفاظ بمكافأة خاصة لمن عاش مع حدوتة الفيل الأزرق منذ كونها مجرد رواية ثم أصبحت فيلم ثم أتبعه جزء ثاني.

قبل الحديث عن النهاية فلابد من الحديث عن جانب من جوانب عبقرية مراد ومروان في فكرة تحويل الرواية إلى فيلم ثم إستغلال نجاح الفيلم في تقديم جزء ثاني، يبدو أن المشروع كان مدروس بعناية ولم تكن نهاية الجزء الأول مجرد نهاية مناسبة للسينما وان البطل اتجوز البطله وتوته توته فرغت الحدوتة، خاصة وأن النهاية اختلفت عن تلك التي انتهت بها الرواية.

فأغلب الظن أن الثنائي قررا ترك الباب مواربًا أثناء كتابة الجزء الأول لفكرة تقديم جزء ثاني مستقبلأ، لذلك احتفظ مراد بنهاية الرواية جانبًا وقرر تقديم نهاية قد تكون تقليدية، وجعل نهاية الرواية هي نهاية أحداث الجزء الثاني، وهذه هي المكافأة التي حصل عليها النوع الثالث من مشاهدي الجزء الثاني من الفيل الأزرق.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخي واختى
الاختلاف في وجهات النظر لا يفسد للود قضية